هل ستؤثر الأزمة الروسية الأوكرانية على سلاسل الامداد و الشحن؟

ما كادت سلاسل الإمداد والشحن أن بدأت في التعافي الاضطرابات الناجمة وباء فيروس كورونا ،حتى ضربتها مرة أخرى أزمة الحرب الروسية الأوكرانية ،فإنه في العام الماضي ،تحول الشاحنون بسبب أزمة كورونا من الشحن بالحاويات إلى النقل بالسكك الحديدية كخيار شحن بديل لطرق التجارة بين آسيا وأوروبا ،وهذا العام ،سوف تؤثر الحرب في أوكرانيا على سلاسل الامداد والشحن مرة أخرى .

إغلاق بعض المصانع

ويعزو ذلك إلى النقص الشديد في وجود المواد الأولية أدى هذا لإغلاق العديد من المصانع في أوروبا مع توقف خدمات الشحن وتأثرها بشكل كبير ،فقد قلصت بعض مصانع السيارات خطوطها في أنحاء أوروبا وبالأخص ألمانيا بسبب تعطل توريد الامدادات اللازمة من المواد الأولية ،مثل أشباه الموصلات والبطاريات وغيرها من المكونات التي تلزم عمليات التصنيع ،حيث أنه من المعروف أن روسيا تنتج 40% من الإنتاج العالمي من المعادن التي تستخدم في صناعة السيارات.

وقد طال الضرر بعض الدول في آسيا مثل اليابان ،فقد تضررت إمدادات صناعة الصلب بسبب الحرب ،نضيف إلى ذلك تأثر العديد من الدول الشرق الأوسطية والافريقية بسبب الاضطرابات التي حدثت في سلاسل الإمداد الخاصة بالغذاء و خاصة القمح والذرة والزيت ،لا سيما وأن كلاً من روسيا وأوكرانيا ،يسهمان في إنتاج نحو ما يقدر بـ 29% من صادرات القمح العالمية ،و19% من إمدادات الذرة في العالم ،و80% من صادرات زيت دوار الشمس.

ارتباك حركة الشحن

ولقد شهدت حركة الشحن البحري في منطقة البحر الأسود ارتباك شديدا بسبب الحرب ،حيث أضيفت المياه الأوكرانية والروسية في البحر الأسود وبحر آزوف في منتصف الشهر الماضي ،إلى القائمة الخاصة بالمناطق المتعرضة للخطر، مما سوف يؤدي في الغالب إلى ارتفاع أقساط التأمين المطلوبة لشحن البضائع أو نقلها عبر هذه المياه، بخاصة أنه من غير الواضح إلى متى ستستمر هذه الحرب.

مما تسبب في إيقاف العديد من الخطوط الملاحية من وإلى أوكرانيا ،وتعتبر منطقة البحر الأسود ممر هام لشحنات المعادن والبترول الروسي و الحبوب ،مما أدى للجوء العديد من شركات الشحن إلى حلول لوجستية بديلة تعتزم تنفيذها خلال الفترة المقبلة ،حيث بدأت الاعتماد على أسواق بديلة لتلك السلع مثل دول فرنسا والبرازيل والارجنتين .

تأثر حركة الإمداد والشحن الجوي

ولم يطل تأثيرات الحرب على الإمدادات البحرية فحسب ولكنها طالت أيضاً حركة الإمداد والشحن الجوي أيضاً ،وهذا بعد أن أعلن الاتحاد الأوروبي عن أغلاق المجال الجوي الخاص به أمام الطائرات الروسية ،وكذلك حذت حذو الاتحاد الاوروبي كلاً من أمريكا وكندا .

زيادة تكلفة نقل البضائع

وحذرت شركات الشحن وشركات الطيران من أن قرار العديد من الدول الأوروبية إغلاق مجالها الجوي في وجه روسيا سيزيد من تكلفة نقل البضائع من أوروبا إلى آسيا، مما قد يجعل بعض الطرق غير مجدية، علاوة إلى زيادة تكلفة الوقود مع ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوياتها في 10 سنوات قرب 120 دولاراً للبرميل.

أما النقل بالسكك الحديدية، فشهد كذلك تأثراً ملحوظاً، لا سيما في نقل البضائع من الصين إلى أوروبا، بعد أن كانت الشركات تعتمد عليه بصورة أكبر في نقل البضائع، بعدما قفزت أسعار الشحن البحري، بسبب تكدس الموانئ خلال الجائحة.

كما سوف تؤدي عقوبات الدول الغربية على النظام الروسي ،وخاصة حظر بعض البنوك الروسية من التعامل مع نظام الدفع المالي العالمي (سويفت) ،إلى زيادة مصاعب التي تواجهها شركات الامداد والشحن ،في إجراء أي نوع من التجارة مع موسكو حتى في القطاعات التي لا تخضع للعقوبات.

ويخشى الاقتصاديون وقادة الأعمال من أن يؤثر ذلك على سلاسل الامداد والشحن التي تعتمد على المكونات والسلع غير المعروفة من روسيا، مثل غاز النيون والبلاديوم، وهي مكونات مهمة لصنع أشباه الموصلات.

خسائر سلاسل الامداد والشحن

وعلى الرغم من الاضطرابات التي تشهدها سلاسل الإمدادات الرئيسية في العالم، إلا أنه يصعب على المحليين تحديد حجم الخسائر التي قد يتعرض لها العالم نتيجة استمرار التصعيد العسكري الروسي، حيث يتفق كثير من المحللين على أنه من السابق لأوانه معرفة مدى تأثير الحرب على سلاسل الامداد والشحن ،خاصة وأن آثار الحرب والعقوبات لا تزال غير واضحة، وإن عديداً من الشركات يمكن أن تعتمد على مخزونات من قطع الغيار والمواد الخام في مخازنها، كما أن القمح الأوكراني يُصدَّر بعد الحصاد الذي سيبدأ في أغسطس.

ومع كل يوم يمر في الأزمة الروسية الأوكرانية، تواجه الأسواق والشركات والتجار المجهول في ظل عدم القدرة على تأمين صفقاتهم، في ظل الظروف الراهنة.


عضوية معتمدة

شبكاتنا العالمية